لو كنت في طفولتك من أولئك الأطفال المحظوظين جدًا ربما رجعت بالذاكرة إلى الوراء، إلى تلك الأوقات السعيدة التي كنت تقضيها بصُحبة قصصك المفضلة أو ربما مجلّاتك! وقد ما زلت إلى اليوم تحتفظ ببعضٍ منها!
أما إن كنت من أولئك الأطفال الذين لـم تكن القصص في بيئاتهم؛ فمما لا شك فيه أنك كنت تشعر بسعادةٍ مضاعفة عندما تسقط بيدك إحدى القصص الجيدة، وتمسك بها بشدّة، وتقرأها مرةً تلو مرة؛ حتى أنك تحفظها عن ظهر قلب!
وأنت تقرأ الآن هذه الكلمات ربما تذكرت قصص الجيب "المغامرون الخمسة" أو قصص المكتبة الخضراء، أو أنك تذكرت مجلة سمير الأسبوعية التي كنت تنتظرها بفارغ الصبر! فهل تساءلت يومًا ما معنى القصص في طفولتك؟ ولماذا تلتمع عيناك كلما تذكرت قصةً جيدة قرأتها في تلك الأيام؟ وهل تحرص على أن تعوِّض ما فاتك منها مع طفلك؟
إنَّ القصص الجيدة هي اللغة التي تعطي الطفل فهمًا أعمق للعالم، وهي القدرة على التفكير والتساؤل، وهي التي تبني وتشكّل الخيال، ومن خلالها يكتشف الطفل معنى الوجود؛ فينطلق باحثًا عن أعمق الحقائق، مُلهمًا بتجارب الشخصيات المختلفة، وواثقًا بقدرته على التواصل مع ذاته، ومع كل الموجودات من حوله.
في حين أننا نرى اليوم الكثير من الآباء والأمهات الذين يدفعون أطفالهم إلى القيام بالكثير من المهارات للنجاح في الحياة، -وإن كنت منهم فهذا ليس خطأً!- لكن في أغلب الأحيان يغيب عن أذهانهم أنَّ الطفل يعيش طفولته وهو يتخيّل أنه بطل القصة! وأنه بحاجة إلى حياة داخلية تلامس عقله ووجدانه كما هو بحاجة إلى حياةٍ خارجية مليئة بالأنشطة والمهارات. إنَّ التواصل والخيال لا يمكن أن يتطوّر إلا بوجود تلك القصة أو الحياة الداخلية، وبدونها يتضاءل فهم الطفل للعالم، وإحساسه بذاته؛ فيصبح بطلًا دون قصة شارك في الدخول فيها!
إنَّ القصص الجيدة تعني الحياة الجديرة بالعيش، تعني أن يكون الطفل محاطًا بالرفقة على طول الطريق! ومثلما كنت تتخيّل أنك تجلس مع علاء الدين حول مصباحه السحري بانتظار المارد ليحقق أحلامك وربما ليُجيب على تساؤلاتك! أو مثلما رافقتِ ليلى في طريقها وسط الغابة، وشعرتِ بالخوف من الذئب كما شعرت هي! فالطفل بحاجةٍ إلى المزيد من هؤلاء الرفقاء.
إنَّ رفقة القصص الجيدة تجعل طفلك نابضٌ بالحياة والأمل، وقادرٌ على ترجمة مشاعره، ومستعدٌ للتصرف بشكلٍ عادل.